كثير من الآباء والأمهات يشتكون من عدم تجاوب أبنائهم لنصائحهم، أو رفضهم للقيم والمبادئ التي يرغبون بغرسها من قيم ايمانية وأخلاقية وغيرها، والحل لهذه المشكلة هو تعلم (قانون الفراشة) التربوي، فلو طبقنا (قانون الفراشة) الذي تطبقه الفراشة بثلاثة قواعد لنجاح حياتها في المبادئ والقيم التي نغرسها بأبنائنا فإنهم سيستجيبون لنا وسيكونون كما نريد ونتمنى
(فقانون الفراشة) قائم على أن الفراشة لديها بوصلة داخلية تحدد من خلالها الاتجاهات، فالفراشة من أجل استمرارها بالجو تكرر رفرفة جناحيها لتستمر بالطيران، أما الطيور فهي تسبح في السماء وليس بالضرورة أن تحرك جناحيها دائما، لهذا لا نجد أي فراشة توقف تكرار حركة أجنحتها وقت الطيران، وهذا التكرار هو سر النجاح والاستمرار، بالإضافة إلى أن الفراشة عندما ترفرف جناحيها فإنها تأثر في الهواء، ومجموع الفراش يأثروا في المناخ على الرغم من أن تأثير كل فراشة لوحدها قليل، ثم أن الفراشة جميلة وتجلب السعادة والوانها زاهية ورقيقة، ولهذا توصف الفتاة الناعمة الرقيقة والجميلة بالفراشة،
أما تطبيق (قانون الفراشة) في التربية، فأولا لا توجد تربية ناجحة من غير بوصلة أو خطة تربوية، فكما للفراشة بوصلة داخلية ترشدنا للإتجاه الصحيح، فكذلك أي تربية من غير بوصلة أو خطة تربوية تعتبر تربية عشوائية فوضوية تخرج لنا أبناء غير متزنين ولا ناضجين ولا متوازنين، الأمر الثاني وهو (التكرار)، فنجاح الفراشة باستمرار طيرانها هو في تكرار رفرفة جناحيها، والتكرار أهم قاعدة في التربية والتعليم، فيظن الوالدين من أول توجيه للطفل أنه سيلتزم ويطبق ما قالوا له، وهذا في الغالب مستحيل، فالتكرار وسيلة تعليمية توصل الطفل للإتقان وترسخ المعلومة لديه، والتكرار من أسهل وأنجح الأساليب التربوية والتعليمية
وهناك نوعين من التكرار علينا أن نمارسهما أثناء تربية أبنائنا، الأول التكرار المتباعد والثاني التكرار القريب، ونقصد بالمتباعد أننا إذا كنا نربي ابننا على قيمة الصبر او الصدق مثلا، فنباعد بين توجيه وتوجيه مع التكرار حتى ولو استمر التكرار لسنوات، أما التكرار القريب فهو أن نكرر التوجيه في نفس اليوم أكثر من مرة، وعلى حسب استجابة الطفل وتقبله وتعاونه للقيمة التي نرغب بغرسها نقرر أي تكرار نستخدم هل القريب أم البعيد، وفي الغالب الطفل يحتاج للتكرار من النوعين لأن التربية هي عملية تراكمية
والقرآن الكريم اعتمد أسلوب التكرار في تهذيب النفوس وتربيتها، فأحيانا يكرر الله كلمة أو آية مثل (ويل يومئذ للمكذبين) في سورة المرسلات تكررت 10 مرات، و(بأي آلاء ربكما تكذبان) تكررت بسورة الرحمن 31 مرة، وأحيانا يكرر معنى أو يكرر قصة وكل تكرار له هدف واضافة، وحتى العبادات نلاحظ تكرار الأذان وتكرار الصلاة وتكرار قراءة الفاتحة كل يوم، وكان من هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكرر ويعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه، ومن القصص اللطيفة عن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله أنه قال كنت أسأل إبراهيم (شيخه) عن الشيء فيعرف في وجهي أني لم أفهم، فيعيده حتى أفهم؛
ونحن نقول دائما (التكرار يعلم الشطار) وحتى المتنى الشاعر المعروف كرر كلمات فقال في شعره (وكم جاهلٍ بي وهو يجهَلُ جهلَهُ *** ويجهَلُ عِلْمي أنه بيَ جاهلُ) ، ولهذا استغرب من عصبية الوالدين عندما لا يستجيب ابنهم لتوجيهاتهم التربوية، فالغضب أثناء غرس القيم لا يفيد وإنما المفيد هو (قانون الفراشة)، وهو أولا : التكرار في التربية وثانيا : الإلتزام بالبوصلة التربوية، وثالثا : أن تكون التربية فيها متعة وجمال وفن مثل جمال الفراشة ورقته